بكاؤكُما يشفي وإن كـان لا يجـدي فجودا فقـد أودى نظيرُكمـا عنْـدي
بُنَـيَّ الـذي أهدتـهُ كفَّـاي للثَّـرَى فيا عزَّة َ المُهْدى ويا حسْرةَ المُهْـدي
ألا قاتـلَ اللَّـهُ المنايـا ورميَـهـا من القومِ حَبّاتِ القلوبِ علـى عَمْـدِ
توخَّى حِمَامُ المَوْتِ أوسـطََ صبيتـي فلله كيـف اختـار واسطـة َ العِقـدِ
على حين شِمْتُ الخيرَ مـن لمحاته وآنست مـن أفعالـه آيـة َ الرُّشـدِ
طواهُ الرَّدى عنِّي فأضحـى مزاره بعيدا على قُرب قريبـاً علـى بُعـدِ
لقد أنْجَـزَتْ فيـه المنايـا وعيدَهـا وأخلفَتِ الآمالُ ماكـان مـن وعْـدِ
لقد قلَّ بيـن المهْـدِ واللَّحْـدِ لبثُـهُ فلَم ينسَ عهدَ المهدِ إذ ضُمَّ في اللَّحدِ
تنغَّـصَ قَبـلَ الـرَّيِّ مـاءُ حَياتـهِ وفُجِّـعَ منـه بالعـذوبـة والـبـرْدِ
ألـحَّ عليـه النَّـزفُ حتـى أحالـهُ إلى صُفرةِ الجاديِّ عن حمرة الـوردِ
وظلَّ علـى الأيـدي تَساقـط نَفْسُـه ويذوِي كما يذوي القضيبُ من الرَّنْدِ
فَيالـكِ مـن نفـس تساقـط أنفسـاً تساقـط درٍّ مـن نِظَـام بـلا عقـدِ
عجبتُ لقلبي كيف لـم ينفطـرْ لـهُ ولو أنَّهُ أقسى مـن الحجـر الصَّلـدِ
بـودِّي أنـي كنـتُ قُدمْـتُ قبلـهُ وأن المنايا دُونهُ صَمَـدَتْ صَمـدِي
ولكنَّ ربِّـي شـاءَ غيـرَ مشيئتـي وللرَّبِّ إمضـاءُ المشيئـة ِ لا العبـدِ
ومـا سرنـي أن بعْـتُـهُ بثـوابـه ولو أنه التَّخْليـدُ فـي جنَّـة ِ الخُلـدِ
ولا بعتُـهُ طَوعـاً ولكـن غُصِبتـه وليس على ظُلمِ الحوداث من معـدِي
وإنّـي وإن مُتِّعـتُ بابنـيَّ بـعـده لَذاكرُه ما حنَّـتِ النِّيـبُ فـي نجـدِ
وأولادنـا مثـلُ الجَـوارح أيُّـهـا فقدنـاه كـان الفاجـع البَيِّـنَ الفقـدِ
لكـلٍّ مكـانٌ لا يـسُـدُّ اختـلالـهُ مكانُ أخيه فـي جَـزُوعٍ ولا جلـدِ
هلِ العينُ بعدَ السَّمع تكفـي مكانـهُ أم السَّمعُ بعد العينِ يهدي كما تهـدي
لَعمري لقد حالتْ بـيَ الحـالُ بعـدهُ فيا ليتَ شِعري كيف حالتْ به بعـدِي
ثَكِلْـتُ سُـرُوري كُلُّـه إذْ ثَكلـتُـهُ وأصبحتُ في لذَّاتِ عيشي أَخا زُهـدِ
أرَيحانة َ العَينينِ والأنـفِ والحشـا ألا ليتَ شعري هلْ تغيَّرتَ عن عهدي
سأسقيكَ ماءَ العين ما أسعـدتْ بـه وإن كانت السُّقيا من الدَّمعِ لا تُجـدي
أعينيَّ جودا لي فقـد جُـدتُ للثَّـرى بأنْفَـسِ ممَّـا تُسـأَلانِ مـن الرِّفـدِ
أعينـيَّ إنْ لا تُسعدانـي أَلُمْكُـمـا وإن تُسعداني اليوم تَستوجبا حَمـدي
عذرتُكما لـو تُشغـلانِ عـن البكـا بنومٍ وما نومُ الشَّجيِّ أخـي الجَهـدِ
أقـرَّة َ عينـي قـدْ أطلـت بُكاءهـا وغادرْتُها أقْذَى من الأعْيُـنِ الرُّمـدِ
أقرة عيني لـو فَـدى الحَـيُّ ميِّتـا ًفديتُـك بالحوبَـاء أوَّلَ مـن يفـدِي
كأني مـا استَمْتَعـتُ منـك بنظـرة ٍولا قُبلة ٍ أحلى مذَاقـاً مـن الشَّهـدِ
كأني ما استمتعـتُ منـك بضمّـة ٍ ولا شمَّة ٍ في ملعـبٍ لـك أو مهـدِ
ألامُ لما أُبـدي عليـك مـن الأسـى وإني لأخفي منه أضعافَ مـا أبـدي
محمَّـدُ مـا شـيءٌ تُوهِّـم سلـوةً لقلبـي إلاَّ زاد قلبـي مـن الوجـدِ
أرى أخـويـكَ الباقِيـيـنِ فإنـمـا يكونان للأحزَانِ أورى مـن الزَّنـدِ
إذا لعِبـا فـي ملعـبٍ لـك لذَّعـا فؤادي بمثل النار عن غير ما قَصـدِ
فما فيهما لي سَلـوة ٌ بـلْ حَـزَازةٌ يَهيجانِها دُوني وأَشقى بهـا وحـدي
وأنتَ وإن أُفردْتَ فـي دار وحْشـة ٍفإني بدار الأنسِ في وحشـة الفـردِ
أودُّ إذا مـا المـوتُ أوفـدَ مَعشَـراً إلى عَسكر الأمواتِ أنِّي مـن الوفْـدِ
ومن كـانَ يَستهـدي حَبِيبـاً هَديَّـة ً فطيفُ خيالٍ منك في النوم أستهـدي
عليـك سـلامُ الله مـنـي تحـيَّـةً ومنْ كل غيثٍ صادقِ البرْقِ والرَّعدِ